- سحر الحضور - مارس 18, 2024
- بين شقاءٍ وحب - يناير 30, 2024
- صفقة القرن العشرين - يناير 23, 2024
بقلم الدكتور عماد يونس فغالي
إضاءاتٌ… مترَعةُ الجُمان
قد يكون العنوان “قراءات فلّاح”، جوازًا لعبور الإحراج الذي يمكن تكوّنُه جرّاء جرأة يوسف طراد في سبر أغوار فكر قاماتٍ في تعاطيات اختصاصاتهم وتبعاتها… يوسف طراد قارئٌ، واضحٌ كم يستقي معرفةً من مناهل الكاتبين. يقرأ للجميع في كلّ شيء، المواضيع في اختلافها غنيمةٌ له… هو لا يدّعي تحليلًا لكتاب أو دراسةً لفكر. يقول ببساطته كلّها: أنا أقرأ، وهذا ما أتاني الكتابُ القرأتُه. وهو في نصوصه يستندُ إلى اقتباساتٍ يعتبرها مفاتيحَ اكتساباته. ويعرضها… ربّما ليشكرَ صاحبَ الكتاب لِما قدّمه، أو ليقولَ له إنّي لم أهملْكَ!
استعان يوسف طراد بذوي المعرفة في مراجعةِ نصوصه. استعان بهم مفيدًا من خبرتهم في التفاصيل كلّها، حتى وضع عنوان مؤلَّفه، اللايعبّر عن حالته الكاتبة وحسب، لكنْ عن واقعِ خوضه التجرُبة في نقاونتها…
الكتابةُ في الفكرِ مسألةٌ صعبةُ المراس، لأجل ضرورةِ فهم الكاتبِ قصدَ صاحب الفكر منذ عمقه. لهذا وُجدت المناهجُ النقديّة… لا، يوسف طراد لم يلجِ المسألةَ من هذا الباب. هو قارئٌ يتعرّف، يستفيد. في كتاباته يقول شفيفًا محصلتَه القرائيّة… لِمَ لا؟ جميلٌ ما فعل، وهو في هذا مثالٌ يُحتذى. قرأ كثيرًا، ومتنوّعًا. ودوّنَ عُصاراتٍ بقيتْ له، كوّنتْ معرفتَه في انكشاف. “قراءاتُ فلاّح”، كتابٌ مُحِبّ، حميمٌ في بساطته، لا بدّ مقبولٌ من كلّ مَن تناوَل كتبهم… قراءاتُ يوسف، أجدُني أدعوه… هذا الخزَنَ مدّخراتِه المعرفيّة من خبرةٍ ميدانيّة في الشأنِ الإنسانيّ الوطنيّ، لم يقدّم معرفتَه، بل آثرَ التعبيرَ عمّا جاءه من آخرين…
لغةُ يوسف طراد، هي لغةُ يوميّاته. ينقلُ إليكَ ما قرأه في كتابٍ، بسرديّةٍ هادئة، كأنّما يجيبكَ في جلسةٍ لكما عن رأيه في الكتاب ليس إلاّ. وأنتَ تنساقُ انسيابًا لقولاته المشوّقة… لغةٌ لا مشغولة بصرفٍ أو بيان… لكنّها بديعةٌ في ما هي عليه… تصلحُ أنموذجًا يُحتذى.
قرأ القصّةَ والرواية، كما المقالات والدراسات، إلى الشعر… وقالَ جمالَ ما قرأ وما وجدَ من جمال. لكنْ، أمَا يجدرُ بنا الاعتراف أنّ يوسف طراد يعرّفنا كتبًا ومؤلّفين، لم نكن على علمٍ بها وبهم؟! أمَا يأخذنا إلى جُمانٍ غفلْنا عنه؟ هذا فضلٌ في حدّ ذاته…
يوسف الحبيب، أيّها الخابي دنانًا ملأى بمُدامٍ علويّ الفكر والمعرفة، شكرًا لتلكَ الكؤوس المترَعة بأصالتكَ المشارِكة الحلاوات… كتابُكَ يا صديقُ واعدٌ بمواليدَ أخوةٍ له، طالما رفوفُكَ تغتني بجديد…
إقرأ وأغنِ… ولنا كلّ متعة!!
