بقلم يوسف طراد
تلفحه رياح الشّمال الباردة، بعضها يُلطِّف لهيبًا سكن قلبه لسنوات، ونِتَفٌ منها يمد أّذرعًا ضبابية تبث في أخيلته روح الحياة.
بعد كلّ فجرٍ يَلوح يُغرّد طيرٌ وتشرق شمسٌ. يمدّد يديه على تقاسيم وجهه، يلامس جبينه والجمجمة بأصابعه، كأنه يتحسس الأفكار التي بلّلها مطر الزمان.
يقف أمام كروم الزيتون وقفة الواثق، كأنه يحصي الكمّ الهائل من نقط العرق التي سالت على الجبين، والحبوب في القفف والعناقيد في الأقفاص التي جنتها يداه، خلال جهاده مع التراب.
يمرر كفّيه على جذع زيتونة، حفر الدهر فيه تجاعيد وأخاديد، ككفيف يقرأ لغة برايل، في كل ندب قصة عرقٍ وتعبٍ، وكثيرٍ من الأمل.
يستدير بخطى وئيدة متثاقلة، نحو مركوب ينتظره وحيدًا، مع الصّمت الطافح برائحة عطر المكان وسطوة الضباب.
يختلّ الإيقاع من صوت معول، إلى وقع حوافر، ويعاود المطر الطقطقة، على قبعة الفلين الصّلب، نقطةً نقطةً.
يفرك عينيه، لعله يجد حلمًا هو جزء منه، لكنّه كلّما دقّق النظر من خلال الضباب، عاودته معالم طريق المنزل، ورنين أجراس البغلة.
يتنفس الصعداء بفرحٍ نعم إنّها جنته!.
٨ تمّوز ٢٠١٧.
- أطول جملة في “البؤساء” للكاتب ڤيكتور هيجو - ديسمبر 23, 2025
- حوار مع الشاعرة رانيا مرعي - ديسمبر 23, 2025
- اللغة بين قلق الأكاديميين و هشاشة المستهلكين - ديسمبر 14, 2025
