بقلم رنا سمير علم

الوحدة وأنا

أعيش في شوارعِ الحياة وحيدًا
تراقبني الحيطان
تستمعُ اليّ الآذان وتصغي
تتساقطُ حباتُ الكلمات
زخاتٍ زخات
يجتمعُ الناسُ من حولي
على سطوحِ المراقبة
وأنا أعيشُ في عزلةٍ جسدية وفكرية.
أراقبُ ذكرياتي
تأخذُ بيدي أفكاري
الى أماكنَ بعيدةٍ
إلى زمنٍ كنتُ فيه مع عائلتي
نفرحُ ونحزنُ معاً تحت سقفٍ واحد
كانت تلك ليالي السهر
تحومُ فيها النجومُ وأقمارٌ وشعر

ها أنا ألتفتُ حولي
لا أجدُ سواي
سرقَ مني الزمنُ أيامي وأحبائي
سافرَ من سافر
وهاجرَ من هاجر
وبقيتُ وحيدا أعدُّ الساعاتِ والثواني
أشتاقُ لعطر أمي
وصوتِ أبي
وحنانِ أختي
وضحكة أخي

رحلتُ من ضجيجِ الحياة العائلية
أصبحتْ حياتي مقفرة.

مملة أيامي
تائهة أحلامي
غادرني الحبّ
غدَرَني زماني
ألتحقُ الآن بأوهامي الماضية
حتى الثمالة
ما نفع الأماكن من دونهم
حين تتحولُ الآمالُ الى آلامٍ
والصخبُ الى صحراءٍ جميلة ومملّة
لا ينفعُ فيها ضوءُ القمر
تلعبُ فيها الريح وتسرحُ
وتتساقطُ بضع قطراتٍ من أمنياتٍ
تبقى حبرًا على سطر.

جفّت الحناجرُ
واختنقَ الحبُّ
وأزهرتِ المدينةُ أصواتهم،
تترددُ في الصدى البعيد

ورودُ قلبي ميتةٌ، لن ينفعها كأس ولا خمر
رحلَ منها عبقُ الياسمين
وغطّت في أوحالٍ عصيّة على الزمن.

في الحياةِ، لا تستطيعُ الابحارَ في بحرٍ هائجٍ
ترتفعُ الأمواجُ
ثم تقذفُ بنا على حائط السكون
في رمالِ صحراءِ الحياة

في غرفتي هدوءٌ وسكونٌ
تضجّ فيها أفراحٌ وأحزان
في كتابِ الذكريات
ولو كان للحيطان آذان لسمعت ضجيج القلب
ولو كان لها أعين لرأتْ دموعَ الوحدةِ تُمزّقُ القلوب.

اترك ردإلغاء الرد

اكتشاف المزيد من نادي الكتاب اللبناني

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version