بقلم بسمة عبيد

حكاية من بلدي
شغف الحروف يناديني، يروي لي حكايات البنفسج الحزين، المقيم بين وهج الشمس، ورقة الفجر، بين هالة القمر وسحر الليل.
تتجاذبه نسيمات صباحية رقيقة، ورياح صحراوية عاصفة، تتكسر تحت وطأتها أغصان الزَّيتون، وزهر الزيزفون، والياسمين الدمشقي الأبيض، يبكي القرنفل، والبنفسج يذوب على جنبات بردى.
من دموع الصبايا ترتوي الأرض العطشى، ومن دماء الشباب، تغب الأرض فوق طاقتها، لتنبت وردها الأحمر يملأ السهل والجبل والوديان.
تقول الحكاية: أنّ هناك في بلدي سرٌ خبأه الاله، لا أحد يعرف أين، كل ما نعرفه، حكايا تناقلتها الأجيال، والتي تدَّعي أن السِّر مخبأ في عين ماء عذب، وأنه ما من روح ترتوي من هذه المياه، إلاّ وتعشق المكان والسكان وترتبط بهم الى أبد الآبدين.
وتقول الحكاية: أنّه ذات ليلة كالحة السواد، حط جنيٌ مخيف على ربوتها، وغاص في المياه قاصدا سرقة السِّر، لكنه بعد أن تبلل من تلك المياه، ولم يجد ماجاء من أجله، آثر البقاء، وراح يلهو، ويخرب النفوس والعقول، ويدمر كلّ جميل حتى المياه التي غاص فيها تلوثت ولم تعد تحمل الطّهارة الّتي تحلتْ بها على مدى العصور، فغارتْ، وجفّت الينابيع.
انتشر السواد، وتصحرت الأرض، وأكثر السّكان أشرفوا على الهلاك.
ظلَّ الجنيُّ مستمتعا بالخراب الذي نشره، وصار له اصحاب وأعوان وتناسلوا فوق تلك الأرض، وما زالوا يرقصون على أنقاض وأشلاء الضحايا ولا أحد يعلم متى تنتهي الحكاية، وكيف ستكون نهايتها.!

اترك ردإلغاء الرد

اكتشاف المزيد من نادي الكتاب اللبناني

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version