Latest posts by Roger Saad (see all)

كتابة؛يوسف طراد

 السادس عشر من آذار وأثناء عودتي من مدينة صيدا التي تبعد عن بلدتي ما يقارب 60 كلم، أشاهد سيارته متوقفة وسط الطريق وثقوب في واجهتها… ظننته حيّاً وفتحت باب السيّارة محاولة فعل شيء ما، بينما الصديق قد رآه من الجانب الآخر يقول لي: (لا تحاولي، نفذ القدر…)”، (صفحة 36). 

 أضاءت نازك أبو علوان عابد على فكر كمال جنبلاط الذي تجلّى في عطاءات كانزة ومتنوّعة، منها الترجمة الإيمانيّة ضمن كتاباته التي برهنت أنّ الدين الحقّ لا يجتمع في إطار محدد من سلوك فردي أو جماعي، بل يستنبط معرفة في محتوى النصوص الدينيّة، وهو يعلو إلى مراتب التفكّر والارتقاء بالحكمة التي تتصعّد في مسالك العرفان المستنير، وقد أوردت مقتطفات عديدة من كلامه وكتاباته بهذا الخصوص منها ما ورد في كتاب له بعنوان “من أجل المستقبل”: “فحياة المسيح لم تكن ذات جدوى لو لم تعلّمنا كيف ننظم حياتنا على ضوء القانون الأبدي للمحبّة”، (صفحة 52).

أثارت عابد في حواسنا وجداناً ويقين أفكار، عندما انبثق من أفكارها التي جسّدتها في الكتاب معانٍ عن ملمس فكر جنبلاط لحواسه التي سخّرها للهداية وصقل النفوس بالمحبّة، فإذا نامت كلّ الحواس تبقى الأذن مستيقظة، فالسمع حاسة تعمل منذ الولادة وهي أداة لسماع الاستدعاء عندما ينادي الخير من دواخلنا. فقد أوردت المؤلّفة نصوصاً لجنبلاط عن كلّ حاسة من حواس الإنسان ومنها السمع: “إذاً السمع عامل من عوامل الحرّيّة ما دام عاملاً مهماً من عوامل المعرفة ومن أدوات انسجام النفس وصقلها”، (صفحة 68). 

قارئ كتاب “شجرة الجوز”، الذي لا يمكن وضع قراءة به في مقال واحد لاشتماله على أنواع أدبيّة متعدّدة، يجد فيه لغة إيحائيّة فكريّة تعتمد على الواقعية الاجتماعية أحياناً وعلى الصوفيّة في الغالب، هذه اللّغة تخطت الممارسات السياسيّة لكمال جنبلاط بتشعّباتها، ومخاتلاتها، إلى حدود فكره الأدبيّ الذي لا يُحدّ في خطاباته المباشرة أو في لغة خياله. فماجت نازك أبو علوان عابد على سطح ساطع لتغوص في أعماق وعيه التي قادته إلى الاشتراكيّة، وكانت منبع استنارة لكلّ مريد ثقافة وفلسفة، فكانت نصوص الكتاب فيضاً من الدلالات الواضحة لأدبٍ واقعي وفلسفي، لما في الفلسفة عموماً من غموض.

By Roger Saad

ناشط بيئي

اترك ردإلغاء الرد

اكتشاف المزيد من نادي الكتاب اللبناني

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version