- حوار مع الأستاذة نقية هاني - ديسمبر 26, 2025
- انوار الثقافة - ديسمبر 26, 2025
- احبك - ديسمبر 26, 2025
بقلم:فاروق غانم خداج
كاتب لبناني وباحث في الأدب والفكر الإنساني
رنا سمير علم: حين تُصبح الكلمة بيتًا والإنسان هوية:
“من رميش التي تنجب الفكر كما تنجب الزيتون، خرج صوت رنا يحمل لبنان الذي نؤمن به.”
من رميش، البلدة الجنوبية التي أنجبت أهل علم وفكر، تطلّ رنا سمير علم كنبع صافٍ في زمنٍ تعكّرت فيه المعاني، وكشجرةٍ وارفةٍ ظلّها يسع الجميع. لا تكتب فحسب، بل تزرع الكلمة كما تُزرع البذور في أرض خصبة، فتثمر نصوصًا مفعمةً بالمعنى، نابضةً بالحسّ، تنمو على مهلٍ تحت شمس المحبة والصدق.
رنا ليست مجرد عضوة في نادي الكتاب اللبناني، بل روح من أرواحه المتوهجة، وركن إنساني لا غنى عنه في مسيرته. في مجلة أقلامنا التي يصدرها النادي، لا تكتفي بالكتابة، بل تواكب، وتُصغي، وتفتح النوافذ أمام المواهب، وترافق النصوص من ميلادها حتى تَشكُّلها. وأقول ذلك من موقع المحبة والتقدير، إذ أجد في متابعتها لكتابتي دعمًا حقيقيًا، وفي كلماتها تشجيعًا صادقًا لا يطمح إلا إلى تجميل الكلمة ورفع شأنها. إنها تحضن الحرف الجميل كأنه من أهل بيتها، وهذا ما نحتاجه اليوم من كل إنسانٍ لبناني، وبالأخص من المثقفين الذين يحملون عبءَ الكلمة في زمن التشرذم.
ليست رنا أسيرة طائفة ولا صوتًا لمذهب، بل روحٌ تحتضن الجميع. أصدقاؤها من كل الطوائف والانتماءات، يجتمعون حولها لا لأنهم يشبهونها، بل لأنهم يجدون فيها مساحة رحبة للحوار والصدق. في حضورها يتبدّد الاصطفاف، وفي فكرها يعلو الإنسان على كل التصنيفات. إنها تُجسّد لبنان الذي نحلم به: لبنان الجامع، المفتوح، العادل، لا لبنان المصالح والانقسام.
في كتابها مواسم الكلمات، تتجلّى صور الحنين والهوية، وتنعكس مشاعر وطن يعيش في القلب لا على الخارطة فقط. نصوصها تنبض بهمّ الإنسان، بالاغتراب والانتظار، وبالتشبث بالحقيقة في وجه الغربة والصمت.
أما رميش التي تنتمي إليها، فليست مجرّد بلدة في أقصى الجنوب، بل صورة مصغّرة عن لبنان الحقيقي، لبنان الذي ينهض على أكتاف العلم، وتعلو فيه الكلمة فوق الشعارات. وفي رنا، ما يذكّرنا بذلك المجد القديم، وتلك الأصالة التي لم تغب عن جبين البلاد رغم كل ما جرى ويجري.
رنا سمير علم…
أنتِ الكلمة حين تُصبح بيتًا، والصوت حين يعانق الجميع، والنموذج الذي نرجو أن يُحتذى في كلّ ساحة ثقافية.
في زمنٍ تاهت فيه المعايير، كنتِ أنتِ البوصلة.