بقلم فريدة الجوهري

كان صراخها الآتي من المنزل الوحيد القريب من مكان سكني يقلق ليلي ويعكر صفوه فأستيقظ مرتعدة الأوصال.
ومع أنني اعتدت قليلا على هذا فما زال صراخها المحدد عند الساعة الحادية عشر يرعبني فيهرب النوم من عيني لحوالي الساعة أو أكثر مما يؤثر سلبا على نهاري.
كنت أرثي لحالها بعد أن سمعت قصتها من الزملاء في المدرسة ;ولكن ما ذنبي بكل هذا؟ سوى أنني اضطررت للسكن بقربها بعد نقلي في هذا الوقت من السنة.
قالت لي سعاد زميلتي :مسكينة بعد أن عقدت آمالها على ولدها الوحيد وربته منفردة فباعت كل ماتركه لها زوجها لحياة كريمة سافر إلى الخارج ولم نعد نسمع عنه شيئا. تركها للوحدة والألم والشيخوخة تصارع الوقت وحيدة كالمنفية.
وهذا ما أسكتني عنها لعدة شهور، ولكن وبعد أن تعبت قررت أن أواجهها…
في أحد الأيام وعند عودتي من المدرسة وقبل الوصول إلى منزلي، طرقت بابها
تحليت بالصبر لتصل إلى الباب بسبب الشيخوخة
نظرت إلي بعينين فارغتين من كل أنواع الحياة ولم تتكلم
بادرتها قائلة:جدتي صراخك الليلي يمنعني من النوم وانا مضطرة للإستيقاظ باكرا فهلا تفضلت وأنهيت هذا الصراخ.
ردت بصوت مضطرب:لم أكن أعلم أن أحدا يقطن بالمنزل المجاور
_الٱن قد علمتي
سأحاول ما استطعت يا ابنتي.
كان يأتي صراخها خافتا في الأسبوع الأول ومع مرور الأسبوع الثاني لم أعد أسمع الصوت أبدا
وأخيرا خرجت من قاموسي
كنت سعيدة جدا لم أعد أستيقظ ليلا، ليتني كلمتها سابقا
مرت الأيام
نسيت الصراخ كليا وحتى أنني نسيتها
كان اليوم السبت ظهرا وأنا في قيلولة صغيرة أجد فيها الراحة بعد أسبوع مرهق
صوت سيارة الإسعاف يوقظني، أسرعت للخارج، إمرة عجوز تولول وتلطم صارخة وهي تقول:أردت زيارتها وتفقد أحوالها طرقت الباب وطرقت ولما لم تجب أخبرت الشباب فخلعوا
الباب ووجدوها ميتة.
ماااااااااتت
دخلت منزلي، انتابتني نوبة عصبية من البكاء ;وصوت في داخلي يصرخ أنت قتلتها.

اترك ردإلغاء الرد

اكتشاف المزيد من نادي الكتاب اللبناني

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version