بقلم ليلى عمر
اذا نظرت الى تقدم أمُة من الأمم، فانظر إلى نسائها.
ما أعظم المرأة!! هذه الجوهرة الشفافة، الصفحة المشرقة من صفحات التاريخ ، الكتاب الذي يعجز الفلاسفة عن فك طلاسمه….
تراها وسط زحام الحياة العابق بالخيبات ..
وسط روائح دماء الابرياء التي تزكم أنفها، وتبعث الأسى في قلبها، والتي تسفك على ايدي المتسلطين المتعسفين الفاقدين لأدنى درجات الانسانية..
وسط رائحة العفن والقذارة الخانقة المتصاعدة من نفوس الحاسدين الحاقدين المنتشرين أينما توجهت، وكيفما سارت .
وسط انواء التخاذل التي يرزح تحتها الذي من المفترض أن يكون لها السند والامان ..
وسط النفوس الراكدة المتخدرة التي تترنّح في دروب الضياع وأصحابها من الرعاع، دون أن تسمع او ترى طبول النهايات تقرع على الابواب ..
تلوذ بالصمت ..لا تسمح لنفسها أن تكفر او تتبدّل لأنّها مؤمنة وتنتظر دومًا مواعيد الله وسخاءه الذي يأتي بأكثر مما تنشد..
مهما اشتدت المصاعب والشدائد حولها، فلا تحني جبينها بل تبقى شامخة شموخ شجرة السنديان في دارها ، تقتعد الأرض بين الانقاض المرصوفة حولها، تمسك كتابًا، تغوص في بحره بحثًا عن ومضات ولمعات لم تستطع أن تعثر عليها بعد ، تنهل من مقالع الفكر فتسكر ، وتتعبّد في محراب البطولة فتمحى الجراح، ويموت كل شيء أمام عينيها ..
تطير تشعر بنفسها بطلة تحلّق في الفضاء اللامحدود ،
تطير كما يطير العصفور ، وتسبح كما تسبح السمكة ، ثم تعود كالبنفسجة هانئة راضية ناشرة من حولها اريجًا وشذا ..
وأليست رحلة الحياة بحاجة الى تحدٍّ واصرار؟!
أليست هي التي تأبى أن تتمرّغ في اوحال الشرور..
أليست هي التي ترسم لنفسها خطوطًا في الذوق لتبقى في الوجدان عطرًا..
أليست هي التي اعتادت أن تهزم الموت، وتكابر على الجراح، وهي القدوة في الإباء؟!
ما أروع قلبها ! وما أصدقها ، أكرم بها امرأة تسامت فوق النجوم رفعة وألقًا!
..
- أطول جملة في “البؤساء” للكاتب ڤيكتور هيجو - ديسمبر 23, 2025
- حوار مع الشاعرة رانيا مرعي - ديسمبر 23, 2025
- اللغة بين قلق الأكاديميين و هشاشة المستهلكين - ديسمبر 14, 2025
