بقلم مازن عابد
“قل ما تشاء . ضع النقاط على الحروف . ضع الحروف مع الحروف لتولد الكلمات , غامضة وواضحة , ويبتدئ الكلام .”
كيف السبيل الى مقاربة التجلي و جمال الشعر والشعور ، ووحدة العاطفة والمدى اللامتناهي في حالة استثنائية يصعب أن تتكرر ، شكلها محمود درويش متجاوزا الزمان والمكان ؟
من وجع فلسطين وقداسة أرضها الى المدى الإنساني الأرحب ..
من عشق الارض الى حب المرأة إلى حنين الأوطان ، توحيد للأحساس الإنساني في عمقه فهو العاشق والأرض حبيبة …
فلسفة الشعور والولوج الى تفصيل تفاصيله وكأنه المصطفى ليتكلم بأسم كل عاشق على مر الدهور ، اللقاء والوداع ، الأمل والخيبة ، الحلم والواقع ، الفقد والحنين ، الذكرى والنسيان ، الورد والقمح والياسمين و أغاني الفرح ، الوهية الأمومة ، اجراس الكنائس و آذان المساجد، العروبة والإنسانية …كلها بعضٌ من محمود درويش ، وعجزوا عن إسقاطها من جواز السفر ،وبقيت جنسيته قلوب الناس !
في أسلوبه عمق المعنى في بساطة الكلمات ، هو السهل الممتنع في هذا السحر في أستعمال الحروف ” كلما قال تعالي تعالت ..” تأخذك الدهشة في كل جملة مؤلفة حتى يغدو النص او القصيدة جدولا من
نور تشكلها تلك الومضات …
يصور المشهد بالحروف في ثنائية دائمة للحدث يصعب تقليده
” في لقاء البحر والرمل ألتفت القلب نحوك ..”
هو رقي الحب في ” سكب السماوي على المادي ” والروحي على الجسدي ، لا فصل في الحب وتجلياته ” وأشبه نفسي حين أعلق نفسي على عنق لا يعانق إلا الغمام ، ونحن لنا حين يدخل ظل إلى ظله في الرخام !! وأنت الهوى الذي يتعرى أمامي كدمع العنب ، وإني أحبك حتى التعب … أنت بداية روحي و أنت الختام “
ومن غزارة الصور البيانية المذهلة : ” سيري ببطء يا حياة بكامل النقصان من حولي ، كم نسيتك باحثا عني وعنك ، وكلماأدركت سرا منك قلتِ بقسوة : ما أجهلك !
قل للغياب نقصتني انما جئت كي أكملك ..”
تحية لمحمود درويش في ذكرى ميلاده
سلام عليه يوم ولد و يوم رحل و يوم تخلد في سجل الشعر والشعور .
المهندس مازن عابد
١٣ آذار ٢٠٢٣
- أطول جملة في “البؤساء” للكاتب ڤيكتور هيجو - ديسمبر 23, 2025
- حوار مع الشاعرة رانيا مرعي - ديسمبر 23, 2025
- اللغة بين قلق الأكاديميين و هشاشة المستهلكين - ديسمبر 14, 2025
